رأي في القذافي

منذ 1969 و اسم الزعيم الليبي معمر القذافي يثير الانتباه و الاهتمام بتدبيره آنذاك لانقلاب على ملك ليبيا السنوسي ، فدخل التاريخ من بابه الواسع ، ليس باعتباره الفاتح كما يدعي و يزعم ، أوكما يفرض على الناس أن يسموه ،ولكن بطبيعة شخصيته الغريبة و الفريدة العصية على الفهم و التصنيف ، و بسلوكاته الشاذة و اللامتوقعة، و بخرجاته الإعلامية الممسرحة التي تبعث على الضحك الممزوج بالشفقة، وبطريقة كلامه التي لا صلة لها بطريقة كلام الرؤساء و الزعماء، طريقة أقرب إلى شطحات المجانين و هلوسات الممسوسين.
و اليوم خرج القذافي من التاريخ و من الجغرافية أيضا، لقد جُنَّ الرجل و طارت كل عصافيره ، و أصبح مادة خصبة لصناعة النكت و المواقف الطريفة التي يتسامر بها الناس و يتبادلونها في جلساتهم ضاحكين مستهزئين شامتين و مشفقين أيضا . منذ أواسط شهر فبراير 2011 لم يعد القذافي شيئا، ولم يعد يصلح لشيء غير النباح و العويل و العيش بكبرياء الأمس ، كبرياء تساقطت ذراته و تناترت في الهواء منذ أن سمح بقتل أبناء ليبيا.
إبليس و الشياطين الثمانية ، عنوان مسرحية اختلطت فيها الكوميديا بالتراجيديا ، الضحك بالبكاء . مسرحية أخرجها القذافي - إبليس و كبير الشياطين سيف الإسلام ، فصلها الأول دم ، و الثاني دم ، و الثالث دم ، و الرابع انتهى بوفاة المخرج و اختفاء الشياطين الثمانية.
الزعيم ، الفاتح ، قائد الثورة ، المجد ، التاريخ ، ملك ملوك أفريقيا ، تعددت الأسباب و الموت واحد ، تعددت الأسماء و المسمى واحد ،
أسماء كثيرة لمخلوق جمع في نفسه كل مظاهر الشر و الخبث و الحقد و الكراهية و الغباوة و السذاجة و الحمق و الجنون ، مخلوق يتعذر ، بل يستحيل على كل علماء النفس مسلحين بنظرياتهم و مغناطيسهم و مؤازرين بكبيرهم " فرويد " أن يحددوا لهذا الكائن اسما ، و أن يشخصوا له حالا، أو يجدوا له دواء . لكن شباب ليبيا الصامد سيرمونه لا محالة في مزبلة التاريخ تتبول عليه الكلاب و تتغوط علي البهائم ، و تلك خاتمة كل جبار أثيم .[/b]